الخميس، 19 نوفمبر 2015

ثورة ملعونة.

ماذا يُمكن أن نُسمي ما حدث، حرب؟! ثورة، مجرزة، إبادة جماعية، قتل مُتعمد، نهب صريح، صراع مُفتعل، أم نكتفي بابتلاع غصّتنا واقناع انفسنا بأننا شعب سعيد يسيرُ نحو الديمقراطية بخطوات ثابتة وسريعة، لدرجة أننا لا نلحظ كم الأحزاب والبرلمانات والكُتل السياسية التي تتشكل وتنهار وتعيد دورتها كل سنة كُمستعمرة بكتيرية كبيرة ... ! على غرار المُستعمرات البكتيرية يتخذ بعض السياسين لأنفسهم شكل الأبواغ*، فيسكنون ويختفون ويتخلون عن مظاهر النشاط والبهرجة إنتظاراً للوقت الملائم واليوم المنشود ليخرجوا لنشاطهم الضار الدائم، وهو السير بالبلاد نحو الهاوية، كُلٌ مدعوم بميليشياته الخاصّة التي لا تنفك تُدافع عنه وعن وجودها، بينما ينسحق البقيّة من الشعب البائس تحت أقدام صراعاتهم الداميّة ...

ماذا يُمكن أن نُسمي ما حدث؟ ثورة ؟! ربما ... لكنها حتما ثورة ملعونة لا تذر ولا تُبقي على أحد !

*الأبواغ: تركيبة بكتيرية خاملة تلجأ البكتيريا لصنعها حين لا تتوفر لها البيئة المُناسبة للحفاظ على المادة الوراثية بداخلها.

السبت، 14 نوفمبر 2015

شهادة وفاء _ الهامش


كُنت أُفكر طوال المُدّة السابقة عن سبب كتابتي لتدوينة - شهادة وفاء - وسبب التراجيدية المُفتعلة التي كتبتها بها، وآسفُ اليوم، آسف كثيراً لأنّني إضطررتُ لقتلك للحصول على نص كُنت أعتبره في السابق جميلاً ومُتناسقاً، وربما اعتبره الآخرون كذلك... ولا أُنكر، كُنت حقاً صديقاً رائعاً، كُنت .. ولم أكن يوماً ماهرة في الإحتفاظ بالرائعين. أفكّر حقاً في هذا الهامش أن أذكر محاسنك، وعلى إعتبار التدوينة الأساسيّة كانت حول موتك، فالأفضل دائماً أن نذكر محاسن موتانا تيمنا بما قاله الرسول الكريم ..

لنرى إذن ! رجل صبور للغاية، تشبه نبتة الصبّار أحياناً كثيرة، قد تُظهر الجفاف والقسوة لكن قلبك طيّب وحي .. ورُغم قسوة الظروف حولك فإن جوهرك غني جداً، وهذا ما أحببته فيك حقاً، لكن للأسف كما للصبار أشواكه فلك أشواكك أيضاً، تلك التي تُغرس في كُل من يقترب منك دون أن تشعر، لا أقول بأن الذنب ذنبك، لكنه ذنب من يقترب.. ذنبي أنا .. وموتك يا عزيزي يشفع لك عدد الوخزات التي شعرت بها بسببك !.

رجل مبالغ فيه، هذا وصفٌ تُفضله كثيراً، لكن كما تعلم .. كل شيء يزيد عن الحد  ينقلب للضد .. وما أدراك ما الضد؟! كُنت أجهل - حتى اللحظة التي رحلت فيها - بأننا كبشر في صورتنا الآدميّة الدنيوية لا يُمكننا تحمّل الجرعات المبالغ فيها من أي شيء، فكثرة السكر قد تحرق اللسان، وتتحول إلى مرارة .. والضوء الساطع على أعيننا قد يُشعرنا بالألم، بعد أن كان يُفترض به اخراجنا من الظُلمة ! والرجال المُبالغ فيهم قد يُسببون لنا التعاسة حقاً، رُغم أنه يُفترض بهم أن يكونوا مصدر سعادتنا، وهذه المرّة أيضاً لا أقول بأن الذنب ذنبك، لكنهُ ذنب من يقترب .. ذنبي أنا .. وموتك يا عزيزي يشفع لك عدد الليالي التي بكيتها يسببك !.

رجل رحبٌ جداً، يتسع صدرك للجميع، للتائهات والعابسات والغافلات والواعيات والمثقلات بالهموم، ياااه ! وكأنك كرة أرضية مُصغّرة حقاً، تأوي الجميع وتُرحب بهم .. لكنك كما الأرض لك كوارثك وعواصفك التي تهب على حين غرّة وتدمّر كل شي.. إنفعالاتك التي لا تُميّز بها بين من يحتاجك ومن يستغلك ومن يحبك ومن يُفسد فيك ! لذلك لم تتردد يوماً في خسارة أحد، وحين تغضب يتساوى عندك الجميع.. وهذا أيضاً ليس ذنبك، بل ذنب من يعيش مُطمئناً لك، وذنب من لا يذخّر من محصول إعترافاته ومشاعره ما يُبقيه على قيد الحياة بعد أن تهبّ عواصفك .. ذنب من يقترب .. ذنبي أنا .. وموتك يا عزيزي يشفع لك عدد المرّات التي شُرّدتُ فيها بسببك !. 


كُنت أراك دائماً شخصاً مُميزاً، لكنّي أشك في قدرتي على فهمك، أو أنه يتوجب عليّ فهمك .. ربما كنت من الأشخاص الذين وجب على المرء أن يفهمهم أقل ويحبهم أكثر، وربما كُنت من الأشخاص الذين بالكاد يفهمون أنفسهم ليُتيحوا للأخرين محاولة فهمهم، أستطيع الآن أن أرى بوضوح أنكّ كنت مُضطرباّ للغاية، وباطنك محموم ومُشتعل رغم برودة ظاهرك ولامُبالاتك، أستطيع أن أرى بأنه يُمكن لقطعة حجر صغيرة جداً أن تُعكّر صفو سطحك ! وهذا الذنب ليس ذنبك أيضاً بل ذنب من لم يلحظ واستمرّ في إلقاء حجر وراء الآخر، وخطأ تلوّ الآخر وإعتذرات مستمرة لا طائل من ورائها .. ذنب من يقترب .. ذنبي أنا .. وموتك يا عزيزي يشفع لك عدد الغصّات التي ابتلعتها بسببك.

 

"أخيراً على الهامش .. مازلتُ أحبك ولم أشعر يوماً بأنك فعلت ... كانت أعذارك وحججك وتصرفاتك دائماً تسبق مشاعرك بكثير، ولذلك كان لا بدّ من هذه النهاية، والذنب هذه المرّة ذنبك ! ولا شئ سيشفع لك ! حتى لو مُتّ ألف مرّة !."  


- ملحوظة: كل ما سبق مجرد هُراء، كُتب في ساعة ملل، والغاية لطرد الملل تُبرر وسلته !