السبت، 1 سبتمبر 2012

بلدْ الواق الواق يرعاه مؤتمرنا المعاقْ !


يُحكى أنه في بلد عمّها الفسادْ , وطالت البطالة فيها أغلب العبادْ , كان هناك شعب يدعي التفاؤل , ويحرص  طوال الوقت على تبنّي الفكر العاقل , ولم يعلم شعبنا بأن العاقل مجنون , حتى رشح للمؤتمر الوطني العام شخصاً مسكون , يدعي النزاهة أمام الورى , ويفكر كم سيقبض أموالاً من الوراء ! , وهل سيُساوي معاشه معاش موظف أم أنه سيكون كمعاش رئيس الوزراء ؟! .

ظهرَت الحقيقة , وأمام شاشات التلفاز تابعنا بالثانية والدقيقة , مؤتمرنا الشعبي العام , والقائد الأممي هذه المرة  لا يُدرك أيتقدم للخلف أم ينسحب للأمام ؟! , فالنواب اللذين تم انتخابهم قد جهلوا النظام ! وكثّروا الكلامْ , وصاروا يناقشون توافه الأمور , تاركين العدد الصحيح ومتشبثين بالكسور ! , حتى تبين لنا أنّ المؤتمر معاق , وأنّ بلدنا في الواقع هي بلد الواق الواق ! , يحلم فيها الشعب بالتقدم , ويمارس مسئولوه بذات البراعة النفاق , فيتحسّر من الحقيقة المسكين , ويشكوا نائبنا في ركسوس رداءة ثمار التين , وهو الذي في جنة البلاد يقبع , و في إدعاء حبه للبلد يبْرَع .

غَضَب الشعبْ ! , وأمام شاشة التلفاز ظل يسبْ , ونطق بالصوت العالي كذبٌ كذبْ ! , نحن أحق بالأموال وأحق بصرف النقود على حاجيات الاطفال ! فالمدارس على الأبواب ! ونحن نقف على مقربة من خط العذاب , و معاش التوظيف لن يكفي للصرفْ وأنت يا نائب تحت التكييف تُخرّف ثم تنصرف , متناسٍ أن في البلدْ لاجئون وضحايا ومشردون , لم يجدوا مسكنا بعد , وأنت تشكو عن مسكنك البُعد , وتطالب بأنانية أن تُراعى شؤونكمْ  في توفير أساسيات العيشْ , والنازح لمنطقة أخرى لا يجد سببا ليعيش ! .

استُأنِف الاجتماع الهام , وطالب نائبنا بنقطة نظام , صرح فيها وقال :  " أقترح أن يعطى للنائب كل ما ترك الشعب ! وللشعب قبلة مرفوعة العتب ! , وللشهيد حق الموتْ ولأسرته حقٌ مُحتسبْ , قررنا أن يكونَ حقهم بضع دنانير تقديرا لابنهم البطل و ونحن نؤمن أن الجزاء من جنس العمل ! , فساوينا بين قلة النقود وبين رخص الحياة في نظر المفقود ! , و النائب أحق بأن يُصرف له المعاشْ , وأنتم يا أعزائي تعففوا بخبز يابس وقطعة قماشْ , فملف نوابنا حافلٌ بالشهاداتْ وملف الشهيد مغلق وملف الجريح بضع إعاقاتْ ! , اما ملف اللاجئ فـ في الحفظ والصون وسنرى في أمره حين نُدرك من يكونْ ! ...  قد أكثرنا في هذا الملف الكلام , إنتقلوا لملف آخر يرحمكم العلاّم ! " .

صفّق النوابُ من الفرحة , وشفى كلام زميلهم المجلوط منهم والمصاب بالقرحة , وهلل البعض الله اكبر الله أكبر  ! سقط الطاغي المتجبرْ ! الذي جعل حصولنا على المال عسير , وأصبحنا بعد الثورة نلهف  بشكل يسير , بحجة تأسيس البلاد والمشاركة في التحريرْ ! , فالحمد لله الذي حبى شعبنا بالغباء , ليجهلوا سوء نيتنا من  حُسن العطاء , ونترحم على أرواح الشهداء ! لولاهم لما كُناّ هُنا ! .. ودلي دلي يا للي . يحيا الرخاء ! , وعاش النواب في سعادة وهناء , ولازال الشعب يطمئن نفسه متعايشاً مع المعاناة ! .