يُحكى أنه في بلد عمّها الفسادْ , وطالت البطالة فيها
أغلب العبادْ , كان هناك شعب يدعي التفاؤل , ويحرص طوال الوقت على تبنّي الفكر العاقل , ولم يعلم
شعبنا بأن العاقل مجنون , حتى رشح للمؤتمر الوطني العام شخصاً مسكون , يدعي
النزاهة أمام الورى , ويفكر كم سيقبض أموالاً من الوراء ! , وهل سيُساوي معاشه معاش
موظف أم أنه سيكون كمعاش رئيس الوزراء ؟! .
ظهرَت الحقيقة , وأمام شاشات التلفاز تابعنا بالثانية والدقيقة , مؤتمرنا الشعبي العام , والقائد الأممي هذه المرة لا يُدرك أيتقدم للخلف أم ينسحب للأمام ؟! ,
فالنواب اللذين تم انتخابهم قد جهلوا النظام ! وكثّروا الكلامْ , وصاروا يناقشون
توافه الأمور , تاركين العدد الصحيح ومتشبثين بالكسور ! , حتى تبين لنا أنّ المؤتمر
معاق , وأنّ بلدنا في الواقع هي بلد الواق الواق ! , يحلم فيها الشعب بالتقدم ,
ويمارس مسئولوه بذات البراعة النفاق , فيتحسّر من الحقيقة المسكين , ويشكوا نائبنا
في ركسوس رداءة ثمار التين , وهو الذي في جنة البلاد يقبع , و في إدعاء حبه للبلد
يبْرَع .
غَضَب الشعبْ ! , وأمام شاشة التلفاز ظل يسبْ , ونطق
بالصوت العالي كذبٌ كذبْ ! , نحن أحق بالأموال وأحق بصرف النقود على حاجيات
الاطفال ! فالمدارس على الأبواب ! ونحن نقف على مقربة من خط العذاب , و معاش
التوظيف لن يكفي للصرفْ وأنت يا نائب تحت التكييف تُخرّف ثم تنصرف , متناسٍ أن في
البلدْ لاجئون وضحايا ومشردون , لم يجدوا مسكنا بعد , وأنت تشكو عن مسكنك البُعد
, وتطالب بأنانية أن تُراعى شؤونكمْ في
توفير أساسيات العيشْ , والنازح لمنطقة أخرى لا يجد سببا ليعيش ! .
استُأنِف الاجتماع الهام , وطالب نائبنا بنقطة نظام ,
صرح فيها وقال : " أقترح أن يعطى
للنائب كل ما ترك الشعب ! وللشعب قبلة مرفوعة العتب ! , وللشهيد حق الموتْ ولأسرته
حقٌ مُحتسبْ , قررنا أن يكونَ حقهم بضع دنانير تقديرا لابنهم البطل و ونحن نؤمن
أن الجزاء من جنس العمل ! , فساوينا بين قلة النقود وبين رخص الحياة في نظر
المفقود ! , و النائب أحق بأن يُصرف له المعاشْ , وأنتم يا أعزائي تعففوا بخبز يابس
وقطعة قماشْ , فملف نوابنا حافلٌ بالشهاداتْ وملف الشهيد مغلق وملف الجريح بضع
إعاقاتْ ! , اما ملف اللاجئ فـ في الحفظ والصون وسنرى في أمره حين نُدرك من يكونْ !
... قد أكثرنا في هذا الملف الكلام ,
إنتقلوا لملف آخر يرحمكم العلاّم ! " .
صفّق النوابُ من الفرحة , وشفى كلام زميلهم المجلوط منهم
والمصاب بالقرحة , وهلل البعض الله اكبر الله أكبر ! سقط الطاغي المتجبرْ ! الذي جعل حصولنا على
المال عسير , وأصبحنا بعد الثورة نلهف
بشكل يسير , بحجة تأسيس البلاد والمشاركة في التحريرْ ! , فالحمد لله الذي
حبى شعبنا بالغباء , ليجهلوا سوء نيتنا من
حُسن العطاء , ونترحم على أرواح الشهداء ! لولاهم لما كُناّ هُنا ! .. ودلي
دلي يا للي . يحيا الرخاء ! , وعاش النواب في سعادة وهناء , ولازال الشعب يطمئن
نفسه متعايشاً مع المعاناة ! .