الاثنين، 21 مايو 2012

ألفْ عيلة وعيلة ...

يُحكى أن إحدى عائلاتْ البلدْ كانتْ تملكـُ من البناتِ خمس ومن الأولاد ولدْ , فإذ ما أراد الولدُ المسْكينُ أن يتزوجَ ويقيمَ العُرسْ , توجبَ على البناتِ الخمسْ أن يبحثنَ عن أي عريسٍ عربي كان أم من بلادْ الفُرسْ , وحتى لا يُقال في عُرس أخيهنْ أنهنَ عوانسْ , يضطررن إلى الزواجْ بأي شخصٍ مسعودٍ كان أم فارسْ , ولما كانَ زواجْ ابن جارتهمْ القَديمة آتْ , أصبحنَ جميعاً على حُضور الفرحِ عازماتْ .

 فهذهِ الأولى دخلتْ إلى بيتِ العُرس المعمورْ و قدْ أدخلتْ كُثرة النساءْ الكبيراتْ إلى قلبها السُرورْ , فأخذتْ ترقصُ بلباسْ لا هُو كاشفٌ لجسمها ولا حتى مسْتورْ , فإذ ما سقطتْ عينها على إحدى طاولاتْ الحُضورْ , وعلمتْ أن ابنهم البكر على الزواجْ مجبورْ , لعبتْ دورَ [ الفالحة ] وأخذت على أمه وأخواته تلفُ وتدورْ .

وهذهِ الثانية بالكادْ تستطيعُ السيرْ , وعلى قدرِ نيتها الطيبة يستغلها الغيرْ , كُتل الشحمْ عندها زائدة وفي حديثها تكمنُ الفائدة , حتى إذ ما أعجبتْ أحداهنَ بالأسلوب , وعزمتْ على تزويجها لابنها ذي الحظ المنكوبْ , حكتْ معهُ عنها وأصبح عقْلهُ بذاتْ الحُسن مسْلوبْ , حتى إذا رآها صُعق وكان عليهِ عن الزواجِ أن يتوبْ , فتأخذْ المسكينة في البُكاء والرجيم , حتى يأخذ عودُها شكل حرفْ الجيمْ .

وها هيَ الثالثة , جميلة مدللة , وعلى الدوامْ بخصلاتْ شعرها عابثة , تتغنجْ باستمرار حتى إذا رأتها والدة المُختارْ أشارتْ على ابنها الوسيمْ أن يختارْ, حتى إذا حدَثها تفاجأ بالحديثِ والأسلوبْ , فتارة يخالها تنهق كالحمارْ , وتارة تنبحُ كالكلبْ المكلوبْ , فينكشفُ عنْ الأخلاقْ الستارْ ويتبينُ أن عُروس المُختار فتاةٌ لعوبْ , فيدركـَ المسكينُ أن الجمالَ ليسَ في المظاهر بل في طيب النفس و المشاعر .

أما الرابعة فكانتْ تقواها من القلبْ نابعة , بسيطة مستورة اللباس , وعلى قدرْ السؤال تجيبُ " لا باسْ " , تجيدُ كل أنواع الطبخْ والأكلات , حلوياتِ أكانت أم مقبلاتْ , حتى إذا أعجب أكلها الحماة , طلبت يدها للزواجْ على ابنها علاء , صاحبْ المالْ الكثيرْ والبيتْ الكبيرْ , حتى إذا سألت عنْ أخلاقه علمتْ أنه سارقْ السُّراقْ, لا مصرفَ نقودٍ ناجٍ منه ولا حتى مكتبْ أوراقْ , فإن أرادت من هذا الزواجْ الهربْ , انهالت عليها أمها وأخواتها بالسبْ والضربْ , فالأخلاق على حسب قولهمْ لن تُأكلها " عيشْ " ولنْ يحتملوا بلفظْ عانس أن تعيشْ .

أما الخامسة فكانتْ حزينة وملامحُها عابسة , بشعرٍ طويلْ وقوامِ نحيلْ , أحيانا تراها مغرورة وأحيانا بائسة مقهورة , لا تكثر الكلامَ وإن فعلتْ تشنُ حرباً وخصامْ , منكبه  طوال الوقت على الدراسة , وتجيدُ فهمَ الناس والفراسة , حتى إن طُلب منها أن تدخل المطابخْ تبينَ أنها لا تُجيد حتى قطع السبانخْ , وعلى هذا الحال , يُعتبر الزواج في مُجتمعنا من المُحالْ , ولأنها تؤمنُ بأن مقولة الطريقِ إلى قلب الرجلْ معدتهُ ؛ مقولة غبية , رُزقتْ الخامسة برجل كان منَ السماءْ هدية , ميسورْ الحالْ , وعلى قدرٍ كبيرٍ من الجمالْ , وأخلاق عالية وسعة بالْ , وقريباً ستشهدْ البلدُ الزواجْ وترس البيتْ بقاً وقملاً وخُراجْ , فلا تعيرُ الأخيرة بالاً للنظافة ولم تتعرفُ على الديتولَ و أساليب الضيافة.

وهذا يا سادة حال مُجتمعنا الأصيل في فهمِ أسس الزواجْ الطويلْ !! .. وقصة عُرسْ كُل ليلة هي قصة ألف عيلة وعيلة  .. 



Copyright © 2012
All rights reseved to Marwa