يُحكى أن إحدى عائلاتْ البلدْ كانتْ تملكـُ
من البناتِ خمس ومن الأولاد ولدْ , فإذ ما أراد الولدُ المسْكينُ أن يتزوجَ ويقيمَ
العُرسْ , توجبَ على البناتِ الخمسْ أن يبحثنَ عن أي عريسٍ عربي كان أم من بلادْ
الفُرسْ , وحتى لا يُقال في عُرس أخيهنْ أنهنَ عوانسْ , يضطررن إلى الزواجْ بأي
شخصٍ مسعودٍ كان أم فارسْ , ولما كانَ زواجْ ابن جارتهمْ القَديمة آتْ , أصبحنَ جميعاً
على حُضور الفرحِ عازماتْ .
فهذهِ الأولى دخلتْ إلى بيتِ العُرس المعمورْ و
قدْ أدخلتْ كُثرة النساءْ الكبيراتْ إلى قلبها السُرورْ , فأخذتْ ترقصُ بلباسْ لا
هُو كاشفٌ لجسمها ولا حتى مسْتورْ , فإذ ما سقطتْ عينها على إحدى طاولاتْ الحُضورْ
, وعلمتْ أن ابنهم البكر على الزواجْ مجبورْ , لعبتْ دورَ [ الفالحة ] وأخذت على
أمه وأخواته تلفُ وتدورْ .
وهذهِ الثانية بالكادْ تستطيعُ السيرْ , وعلى
قدرِ نيتها الطيبة يستغلها الغيرْ , كُتل الشحمْ عندها زائدة وفي حديثها تكمنُ
الفائدة , حتى إذ ما أعجبتْ أحداهنَ بالأسلوب , وعزمتْ على تزويجها لابنها ذي الحظ
المنكوبْ , حكتْ معهُ عنها وأصبح عقْلهُ بذاتْ الحُسن مسْلوبْ , حتى إذا رآها صُعق
وكان عليهِ عن الزواجِ أن يتوبْ , فتأخذْ المسكينة في البُكاء والرجيم , حتى يأخذ
عودُها شكل حرفْ الجيمْ .
وها هيَ الثالثة , جميلة مدللة , وعلى
الدوامْ بخصلاتْ شعرها عابثة , تتغنجْ باستمرار حتى إذا رأتها والدة المُختارْ
أشارتْ على ابنها الوسيمْ أن يختارْ, حتى إذا حدَثها تفاجأ بالحديثِ والأسلوبْ ,
فتارة يخالها تنهق كالحمارْ , وتارة تنبحُ كالكلبْ المكلوبْ , فينكشفُ عنْ
الأخلاقْ الستارْ ويتبينُ أن عُروس المُختار فتاةٌ لعوبْ , فيدركـَ المسكينُ أن
الجمالَ ليسَ في المظاهر بل في طيب النفس و المشاعر .
أما الرابعة فكانتْ تقواها من القلبْ نابعة ,
بسيطة مستورة اللباس , وعلى قدرْ السؤال تجيبُ " لا باسْ " , تجيدُ كل
أنواع الطبخْ والأكلات , حلوياتِ أكانت أم مقبلاتْ , حتى إذا أعجب أكلها الحماة ,
طلبت يدها للزواجْ على ابنها علاء , صاحبْ المالْ الكثيرْ والبيتْ الكبيرْ , حتى إذا
سألت عنْ أخلاقه علمتْ أنه سارقْ السُّراقْ, لا مصرفَ نقودٍ ناجٍ منه ولا حتى
مكتبْ أوراقْ , فإن أرادت من هذا الزواجْ الهربْ , انهالت عليها أمها وأخواتها بالسبْ
والضربْ , فالأخلاق على حسب قولهمْ لن تُأكلها " عيشْ " ولنْ يحتملوا
بلفظْ عانس أن تعيشْ .
أما الخامسة فكانتْ حزينة وملامحُها عابسة ,
بشعرٍ طويلْ وقوامِ نحيلْ , أحيانا تراها مغرورة وأحيانا بائسة مقهورة , لا تكثر
الكلامَ وإن فعلتْ تشنُ حرباً وخصامْ , منكبه طوال الوقت على الدراسة , وتجيدُ فهمَ الناس
والفراسة , حتى إن طُلب منها أن تدخل المطابخْ تبينَ أنها لا تُجيد حتى قطع
السبانخْ , وعلى هذا الحال , يُعتبر الزواج في مُجتمعنا من المُحالْ , ولأنها
تؤمنُ بأن مقولة الطريقِ إلى قلب الرجلْ معدتهُ ؛ مقولة غبية , رُزقتْ الخامسة
برجل كان منَ السماءْ هدية , ميسورْ الحالْ , وعلى قدرٍ كبيرٍ من الجمالْ , وأخلاق
عالية وسعة بالْ , وقريباً ستشهدْ البلدُ الزواجْ وترس البيتْ بقاً وقملاً وخُراجْ
, فلا تعيرُ الأخيرة بالاً للنظافة ولم تتعرفُ على الديتولَ و أساليب الضيافة.
وهذا يا سادة حال مُجتمعنا الأصيل في فهمِ
أسس الزواجْ الطويلْ !! .. وقصة عُرسْ كُل ليلة هي قصة ألف عيلة وعيلة ..
Copyright © 2012
All rights reseved to Marwa